هل تنجح جهود انفصال اليمن في سرقة الإرادة الشعبية؟

25 يوليو 2017
هل تنجح جهود انفصال اليمن في سرقة الإرادة الشعبية؟

تحققت الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي بعد ماراثون جولات تفاوضية، أسندتها إرادة اليمنيين المتطلعين إلى منجز الوحدة التاريخي، وخصوصاً الجنوبيين.

 

اليمنيون قبل إعلان الوحدة في مايو سنة 1990، كانوا يجسدون الوحدة عملياً عبر محطات النضال المختلفة؛ خاصة ضد الإمامة شمالاً والاستعمار البريطاني جنوباً، فكانت صنعاء ملاذاً للجنوبيين، في حين احتضنت عدن الشماليين.

 

في صيف 1994 ومع نشوب الحرب الأهلية باليمن، تحول مسار الوحدة؛ فبعد انتصار المعسكر الوحدوي الذي حظي بشعبية على المعسكر الانفصالي، بدأت الممارسات والتعسفات التي طالت عدداً من الجنوبيين في عهد الرئيس المخلوع علي صالح، الذي أقصى مسؤولين وقيادات عسكرية جنوبية؛ ليفتح المجال أمام علوِّ الأصوات المنادية بالانفصال، بعد أن كانت خافتة.

 

– ظهور الحراك

 

سنة 2007 شهدت محطة في تصاعد الأصوات المطالبة بانفصال جنوبي اليمن عن شماليه، خاصةً بعد ظهور ما عُرف بـ”الحراك الجنوبي” المدعوم خارجياً، والذي قاد احتجاجات في بعض مناطق الجنوب اليمني، رُفعت خلالها أعلام الانفصال.

 

وما لبث الحراك حتى جاءت ثورة فبراير الشعبية التي خلعت الرئيس صالح، وأجبرته على التنحي سنة 2011، والتي رسمت الطريق أمام خفض الأصوات المطالبة بالانفصال، وأعطت اليمنيين تفاؤلاً؛ إذ إن بعضهم راح نحو ربط التنحي بتخلي الانفصاليين عن مطلبهم.

 

لكن غزو مليشيا “الحوثي” وقوات صالح الانقلابية للمحافظات الجنوبية في مارس 2015، أعاد الأمور إلى مربعها الأول؛ إذ أثار انقلاب الحوثيين ضغينة الجنوبيين تجاه الشماليين، وارتفعت معه وتيرة التمييز المناطقي، فما إن انتصرت قوات الشرعية وحررت محافظات الجنوب، حتى فوجئ الشماليون بتهجير عشرات العاملين منهم في عدن.

 

ورغم أن مبررات الجهات الأمنية هناك كانت ترتكز على خلايا الانقلاب، فإن الأمر سرعان ما تبيّن أنه عمل منهجي، لا سيما حين تم السطو على ممتلكات لبعض الشماليين، ومنع أبناء الشمال من دخول الجنوب، وخصوصاً عدن.

 

موقف الحكومة الشرعية والتحالف العربي، الذي كان من بين أهدافه المعلنة من تدخله العسكري الحفاظ على وحدة اليمن واستقلاله، لم يكن حازماً؛ إذ اكتفى الموقف الشرعي بإدانة الإجراءات وتوجيه الجهات الأمنية بالتوقف عن ذلك، لكن الأمر استمر.

 

يوم الحادي عشر من مايو، سجل جرس إنذار لليمنيين عندما أُعلن المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي، والذي يهدف إلى تحقيق الانفصال من خلال المظاهرات المليئة بالتحريض على الوحدة والشماليين، وتزامن مع ذلك تسجيل حالات قتل وتعذيب لعمال في عدن، ينتمون إلى محافظات شمالية.

 

لكن، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة للمطالبين بانفصال جنوبي اليمن عن شماليه، فإن ثمة تحديات وعقبات أمام تحقيق أهداف الانفصاليين، يفرضها الموقف الدولي، وعلى رأسه قرارات مجلس الأمن الدولي التي تؤكد وتدعم وحدة الأراضي اليمنية.

 

– خلط الأوراق

 

وعما إذا كانت الممارسات التعسفية ضد الشماليين فردية طائشة أم منظمة، لم يشكك المحلل السياسي نبيل البكيري في وجود سلوكيات فردية طائشة، ولكنه أكد وجود تعبئة منظَّمة “تريد خلط الأوراق وتوظيف حالة الفشل العام؛ لخلق جو مناهض للاستقرار، ومطالِب بالانفصال”.

 

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، رأى البكيري أن اتباع أساليب كهذه، لم يعد مقبولاً في مدينة كعدن ترفض الإقصاء وثقافة الكراهية، مؤكداً أن “التطرّف سيعقّد المسألة، والحلول والمقاربات السياسية دائماً تمثل المدخل لأي استقرار وسلام”.

 

بدوره، يرى المحلل السياسي توفيق السامعي أن “تغذية الكراهية ضد الوحدة والشمال مرتكزة على حلقات الانفصال المتصاعدة والمدعومة بتمويل خارجي (لم يشر إلى أي جهة)، والتي أثمرت مزاجاً عنصرياً لدى الشارع الجنوبي ضد الشماليين والعكس، ومحاولة النيل من الرئيس هادي وشرعيته والحكومة اليمنية، من خلال خطاب الكراهية الذي تبناه تيار الزبيدي”.

 

وقال السامعي لـ”الخليج أونلاين”: إن “استخدام الحشود الشعبية كوسيلة لتحقيق آمال الانفصال استند إلى ما شهدته الثورات المضادة عقب الربيع العربي”، مشيراً إلى خطوات عملية سياسية واقتصادية و”حتى عسكرية”، ترافق عمليات التحشيد الشعبي.

 

وزاد بالقول: “لم تعد مجرد أوراق ضغط فقط على الشرعية اليمنية؛ بل هي خطوات عملية مدروسة ومخطط لها، لكنها لا تزال تراعي بعض الحسابات الإقليمية التي ترى الانفصال تهديداً لليمن والمنطقة”.

 

– أطراف خارجية

 

أما المحلل السياسي ياسين التميمي، فيقول إن تغذية المزاج الشعبي ضد الوحدة في الجنوب تمثل السمة البارزة لكل الحملات التي نظمها “الحراك الجنوبي” منذ أواخر التسعينات، وتلك التي دُعمت من أطراف إقليمية وتحظى بدعم مادي قوي.

 

لكن التميمي يذهب، خلال حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن المزاج الجمعي لا يزال منقسماً حول مسألة الانفصال؛ “بل إنه تراجع كثيراً”، مؤكداً أن كل الحملات العنيفة ضد الشماليين في الجنوب كانت مدعومة من أطراف خارجية، ومن ضمن ذلك عمليات التهجير القسري والقتل والتعذيب.

 

وأضاف بالقول: “إنها (الحملات ضد الشماليين) تعبر عن شذوذ في التفكير لدى الأطراف الخارجية المؤثرة في المشهد الجنوبي”.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق