النطيحة والمتردية وما أكل السبع.. كيف تنتقي الإمارات رجالاتها في اليمن ولماذا؟ (الحلقة الأولى)

27 يونيو 2019
النطيحة والمتردية وما أكل السبع.. كيف تنتقي الإمارات رجالاتها في اليمن ولماذا؟ (الحلقة الأولى)

خلال فترة مشاركتها في عمليات عاصفة الحزم العسكرية في اليمن، كثاني أكبر مشارك في التحالف العربي، والتي دامت حتى الآن أكثر من أربعة أعوام، استعانت دولة الإمارات بعدد من الوكلاء والشخصيات المحلية وجندتهم لتمرير مشاريعها وأجنداتها في الداخل.

الإمارات وجدت صراعات محتدمة بين عدة مشاريع وقوى نفذت من خلالها الى المشهد المحلي، فالسلطة الشرعية كانت تحمل المشروع اليمني الأكبر: اليمن الاتحادي من ستة أقاليم، والذي اعتمد كأهم مخرجات الحوار الوطني اليمني، والذي شارك فيه لمدة عامين مختلف القوى الوطنية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية.

أما الحوثيون الذين كانوا يتلقون دعماً لوجستياً ومالياً وعسكرياً من تحت الطاولة من قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فكان لديهم مشروع كهنوتي إمامي يهدف الى إعادة بسط سلطتهم على البلاد كافة، وإخضاع الناس لمشروع “الولاية” الذي يحصر حق الحكم في أسرة واحدة دون سواها.

بالإضافة الى ذلك لا يمكن إغفال الحراك الجنوبي والذي كان قد تورط بعلاقات مشبوهة مع إيران وبدأ بطرح مشروع آخر وهو تشطير اليمن وعودة الشكل السياسي للبلاد الى ما قبل 1990م.

كل تلك المشاريع المتصارعة أحدثت فراغاً استطاع الإماراتيون النفاذ منه لتحقيق طموح استراتيجي، خاصة بعد انهيار مشروع الدولة جراء انقلاب الحوثيين المشئوم في سبتمبر 2014م.

غير أن المتتبع لسياسة الإمارات في انتقاء رجالاتها وأدواتها في اليمن يجد أسماء بارزة تمثل مجتمعة باكورة الاصطفاء الإماراتي في الداخل، وهم على الترتيب: اللواء عيدروس الزبيدي، واللواء شلال شائع، والعميد منير المشالي (أبو اليمامة اليافعي)، والشيخ السلفي هاني بن بريك.

أربعة أسماء توزعت على أربعة أجنحة حساسة في الدولة (الجناح السياسي – الجناح الأمني – الجيش – الجناح الديني)،    فعيدروس الزبيدي أوكلت له مهام رئاسة ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو تشكيل سياسي أنشأته ومولته الإمارات، وينادي بانفصال اليمن. أما شلال شائع فيتولى منصب مدير أمن محافظة عدن، وأبو اليمامة اليافعي يقود ألوية الدعم والإسناد المدعومة من الإمارات، وهو بهذا يعد قائد جيش المليشيات الإماراتية.

ويكمل المربع الشيخ الديني هاني بن بريك، وأوكلت له مهمة شرعنة كل التحركات والانتهاكات التي تقوم بها الإمارات أو مرتزقتها جنوب اليمن.

غير أن المفاجئ هو أن جميع هذه الأسماء وغيرها من القيادات التي باتت تسبح في الفلك الإماراتي ليست أسماءً وازنة أو ثقيلة في الداخل اليمني ولا تمتلك أية صفات أو مزايا قيادية، بل على العكس تماماً فالكثير يعدهم من بين “أراذل القوم” في اليمن وأقلهم علماً ومعرفة وكاريزمية، لدرجة نعتهم بأنهم سذج وبلهاء.

  • عيدروس الزبيدي (الفانوس)

هو عَيْدَرُوُس قاسم عبدالعزيز الزُّبَيْدي من مواليد منطقة زُبَيْد محافظة الضالع عام 1967م، هو رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أُعلن عنه يوم 11 مايو 2017 من عدن. الزبيدي كان يشغل منصب محافظ محافظة عدن ، عينه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في السابع من ديسمبر 2015م خلفاً للواء جعفر محمد سعد الذي اغتيل بسيارة مفخخة، قبل أن يقيله بعدها بعامين.

يصف كثير من المثقفين والسياسيين اليمنيين قدرات الرجل الذي بات قائداً للذراع السياسية الإماراتية في اليمن بأنها قدرات متواضعة للغاية، بكاريزما هشة وتصريحات سياسية باعثة على الخجل. كما أنه لا يملك مقدرة شد انتباه وجذب المتابعين لخطاباته الجماهيرية أو التلفزيونية، فلغته متلعثمة وجمله متكسرة، وكأنه يقوم بتسميع ما تم تلقينه له، لا ما يؤمن هو به.

الفيديو التالي يوضح الفكرة السابقة بشكل أوضح:

كما أن من بين تصريحاته المخزية للغاية بحسب كثيرين هو تمجيده للاحتلال البريطاني لجنوب اليمن، وذلك خلال كلمة ألقاها في فعالية عقدها في لندن.

لم يقل حديثا مكررا كعادته عن “استقلال شعب الجنوب ونضالاتهم التحررية”، بل كان مختلفا هذه المرة، إذ حاول “قلب حقائق التاريخ”، ووصف الاحتلال البريطاني لليمن الذي انتهى قبل نحو خمسين عاما، بـ”علاقة شراكة سابقة”.

مدعياً إن “بريطانيا ساهمت في ترسيخ النظام والقانون في مدينة عدن”.

زلات عيدروس الزبيدي أو ما يطلق عليها بـ “فضائح الفانوس”، عديدة للغاية، الأمر الذي جعله مادة دسمة للتندر والسخرية لعموم اليمنيين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم.

والفانوس هو لقب يطلق على الرجل من باب السخرية من إمكاناته المتواضعة للغاية. ومن بين الحوادث التي سببت للرجل حرجاً بالغاً قيامه بالتحدث في إحدى الفعاليات الجماهيرية في عدن من خلف واقي زجاجي ضد الرصاص، حيث لم يسبقه إليها أحد من قبل إلا “الزعيم الروحي للمعتوهين في اليمن” عبد الملك الحوثي، بحسب وصف اليمنيين له.

هذا فضلاً عن مراسيم الاستقبال المفتلعة التي تقام للرجل خلال تنقلاته الخارجية بين العواصم الأوروبية بحثاً عن داعم دولي، فما إن يصل أو يغادر مطاراً أجنبياً إلا وقد جمع أقاربه المتواجدين في تلك المدينة، والذين يرتصون للسلام على هذا القائد “الاستثنائي”، في مشهد سريالي بائس، وسط ضحكات وقهقهات المتواجدين في المطار.

وبالرغم من هذه البلاهة المستفحلة إلا أن الرجل تجمعه علاقات خطيرة بجماعة الحوثيين الانقلابية، والتي تحكم سيطرتها على أغلب مناطق ومدن الشمال اليمني.

وكان الرجل أحد الداعمين لجماعة الحوثيين وأحد المباركين لها بعد تنفيذ انقلابها وطرد الحكومة الشرعية والرئيس من صنعاء، كما أنه متهم بتهريب الأسلحة للحوثيين قبيل وعقب الإنقلاب.

الكاتب والصحفي محمد اللطيفي، قال في هذا الصدد: “العلاقة بين الحوثيين والمجلس الانتقالي الذي يقوده الزبيدي تجمعها نقطتان أساسيتان، الأولى أن كليهما تمردا على الرئيس هادي وحكومته الشرعية، وبالتالي فإنهما يقفان على الضد من شرعية هادي”.

الأمر الثاني، حسب اللطيفي، “أن لهما موقفا موحدا من حزب الإصلاح، وهذا يفسر الهجمة الشرسة من قبل الطرفين على الحزب، وبالتالي فتنسيقاتهما تأتي في إطار تقويض عمل السلطة الشرعية، وكذلك توحيد الخطاب ضد حزب الإصلاح الذي يملك حاضنة شعبية واسعة في الجنوب والشمال على السواء”.

 

أما الكاتب والناشط السياسي نبيل البكيري فقال: “السر الوحيد الدافع لتلك العلاقة هو الطرف الإقليمي الداعم لهما وهو إيران، والهدف المشترك للطرفين هو الانفصال وإن كان خفيا لدى الحوثيين”، على حد قوله.

أما المحلل السعودي سليمان العقيلي فقد اتهم في تغريدة على تويتر المجلس الانتقالي بتورطه في تهريب أسلحة إيرانية الصنع لجماعة الحوثي، تم ضبطها في محافظة البيضاء، قادمة من موانئ محافظة شبوة جنوب اليمن.

ووصف العقيلي نشطاء الانتقالي بـ”متحوثة الجنوب” في إشارة واضحة الى علاقته بجماعة الحوثي وإيران، كما دعا نشطاء الانتقالي أن “يخجلوا من أعمالهم المشينة وأن يتوبوا من عمالتهم للحوثي والفرس وحزب الله”.

 

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق