صحيفة أمريكية: إتفاق تجميد الصراع بسوريا.. أين يكمن الشيطان؟

7 مايو 2017
صحيفة أمريكية: إتفاق تجميد الصراع بسوريا.. أين يكمن الشيطان؟

تناولت صحيفة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية اتفاق التهدئة، أو ما يسمّى “خفض التصعيد”، الذي أُعلن عنه في اجتماع “أستانة 4” في كازاخستان حول سوريا، والذي جاء لأول مرة بضمانة ثلاث دول فاعلة على الأرض؛ وهي روسيا وإيران وتركيا.

وقالت الصحيفة إن الاتفاق على ما يبدو يمكن أن يضع نهاية للوضع المأساوي في سوريا، رغم أن التنفيذ على الأرض سيكون أمراً معقّداً، “خاصة أن الشيطان سيكون كامناً في العديد من التفاصيل”.

تقول الصحيفة إن صفقة الاتفاق الروسية التركية الإيرانية تبدو شاملة ومعقولة، حيث سيتم إنشاء أربع مناطق لتخفيف التصعيد فيها؛ وهي إدلب، وأجزاء من حمص، والغوطة الشرقية، وبعض أجزاء بجنوب سوريا، حيث من المقرر أن يتوقف القتال والقصف في هذه المناطق.

الهدف الرئيس من الاتفاق، كما تقول الصحيفة، واضح؛ “وهو تجميد الصراع وتوفير إمكانية لإغاثة الشعب السوري الذي يتعرّض للعنف والتجويع على مدى السنوات السبع الماضية، كما أن انخفاض العنف يمكن أن يسهم في إطلاق مفاوضات أكثر جدية حول مستقبل سوريا”.

الشيطان يكمن في التفاصيل، كما تقول الصحيفة، فعلى الرغم من حالة التفاؤل التي سادت عقب توقيع الاتفاق، فإن هناك عدة تساؤلات لا إجابة عنها يمكن أن تؤدي إلى نسف هذا الاتفاق؛ ومن أبرز تلك المشاكل التي قد تعترض الاتفاق: هل ستشارك المعارضة السورية المسلّحة في الاتفاق؟

يأتي هذا بعد أن اعترض وفد المعارضة السورية المشارك في اجتماعات أستانة على مشاركة إيران في هذا الاتفاق واعتبارها دولة ضامنة، حيث اعتبرت أن إيران دولة محتلّة، ويجب أن تسحب مليشياتها من سوريا، وهو أمر يدل على أن الفصائل السورية المسلّحة متحفّظة على مشاركة طهران في الاتفاق واعتبارها كدولة ضامنة.

التساؤل الثاني للصحيفة يتعلق بماذا سيحدث إذا انتهك النظام السوري الاتفاق؟ ولا سيما أن الاتفاق يحظر على القوات الجوية التابعة للنظام العمل داخل مناطق خفض التوتر الأربع التي تم الاتفاق عليها، فلقد سبق أن وقّع النظام السوري عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار، إلا أنه وبعد مضي أيام خرق تلك الاتفاقات بحجة مكافحة الإرهاب، “وليس هناك أي بند في الاتفاق ينص على ما يمكن أن يتعرض له النظام في حال خرق وقف إطلاق النار، وهل ستحاسبه روسيا إذا ما قام بخرق الاتفاق؟”.

كما تساءلت الصحيفة عن كيفية محاربة “الإرهاب” في المناطق الأربع؟ خصوصاً أن الاتفاق نص على أنه يتعيّن على الضامنين اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمواصلة القتال ضد داعش وجبهة النصرة، وجميع الجماعات المرتبطة بالقاعدة في مناطق التصعيد.

إلا أن الاتفاق لم يجب على الآلية التي يجب اتخاذها لمحاربة التنظيمات التي توصف بالإرهاب في مناطق الاتفاق الأربع، خاصة أن فصل الفصائل المعتدلة عن الفصائل المتشددة أمر في غاية التعقيد.

هذه المشكلة، تؤكد الصحيفة، “هي التي عصفت سابقاً باتفاقيات سابقة لوقف إطلاق النار والتهدئة في سوريا، خاصة أن العديد من الفصائل المصنّفة على أنها فصائل إرهابية تعمل على مسافات قريبة من الفصائل المعتدلة”.

 

أما السؤال الرابع للصحيفة بشأن الاتفاق فركّز على “هل ستراقب القوات الدولية مناطق تخفيف التوتّر، كيف ومتى؟”، مشيرة إلى أنه “لا يمكن أن يترك اتفاق كهذا رهناً بيد المعارضة السورية وقوات النظام، وسبق أن انهارت اتفاقات مماثلة لوقف إطلاق النار، ولعل ما جرى في حلب العام الماضي خير مثال على ذلك، حيث تم استغلال اتفاق لوقف إطلاق النار للحصول على المزيد من المكاسب على الأرض”.

ترجّح الصحيفة أن يتم وضع مراقبين دوليين على طول المناطق الآمنة التي تم الاتفاق عليها، وهم في الغالب سيكونون من روسيا، حيث إن النظام السوري يرفض وجود أي مراقبين دوليين، لا سيما أمريكيين.

وأضافت: “وجود مراقبين روس ربما يكون مرفوضاً من طرف المعارضة السورية، التي لا ترى في روسيا طرفاً محايداً، ومن ثم فإنه يجب أن توفّر الأمم المتحدة قوة مراقبة دولية”.

وتختم الصحيفة الأمريكية تساؤلاتها بالاستفسار إن كان هذا الاتفاق سيسهم في تحريك المحادثات السياسية أم لا؟ قائلة: “لم يتمكّن المبعوث الأممي لسوريا، ستافان دي مستورا، من تحقيق الكثير في الجانب التفاوضي، وربما الشيء الوحيد الذي حقّقه دي مستورا هو جمع النظام والمعارضة في مفاوضات لا تزال مستمرة، رغم أنها لم تحقق شيئاً على الأرض”.

وتلفت النظر إلى أن “الغرض من اتفاق تخفيف التوتر وتجميد خطوط المعركة أينما كانت هو بناء الثقة، وصولاً إلى حل سياسي، رغم أن المؤكد أن أنصار الأسد سيعارضون أي اتفاق سياسي أو عملية انتقالية تنتهي بنهاية الأسد، كما أن المعارضة السورية ستعمل من أجل إنهاء حقبة الأسد كحل للبدء بمرحلة سياسية جديدة في سوريا”.

وتبيّن صحيفة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، أنه “إذا كانت الخطة تسعى لبدء مرحلة انتقال سياسي جديدة في سوريا عبر بناء الثقة بين النظام والمعارضة؛ فإن ذلك يمكن أن يحقّق تقدماً، ولكن علينا ألا نفترض أن الخطة ستكون ناجحة. الحقيقة أن الكثير من الأسئلة بقيت معلّقة ولم يجب عنها الاتفاق الذي وُقّع بضمانة روسيا وتركيا وإيران.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق