علي عبدالله صالح يعود بعد عام على مقتله

4 ديسمبر 2018
علي عبدالله صالح يعود بعد عام على مقتله

مضى عامٌ على مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وعارف الزوكا، أمين عام حزب المؤتمر الشعبي العام، على يد حلفائه الحوثيين، وفي الذكرى الأولى لمقتله، لا تزال الدهشة، عالقة في أذهان الكثير من محبيه وخصومه، في حين وجد البعض فيها، فرصة للتذكّير بفداحة التحالف مع جماعة عنصرية لا تؤمن سوى بالعنف.

ففي مثل هذه الأيام قبل عام، تعرض صالح للدغة سامة أنهت عقودا من شطارته وحرفيّته في الرقص على رؤوس الثعابين، لم يدرك صالح، أنه بتحالفه مع الحوثيين، يكون قد اختار الثعبان الخطأ، قُتل وقُتلت معه كل آمال أنصاره وقطاع عريض من القيادات السياسية والعسكرية والاجتماعية، وحتى رجال الأعمال، ممكن كانوا ينتظرون منه تدشين خطة الخلاص من الحوثي.

ليس ثمة تباين كبير في وجهات النظر إزاء أحداث 2 ديسمبر، فحتى خصوم “صالح”، أبدوا تعاطفا ورغبة في جعل هذا الحدث قاعدة لتحالف جمهوري جديد، معتبرين موقفه الأخير قبيل مقتله، مؤشراً على صحوة وإن كانت متأخرة، وقد دفع حياته ثمناً لموقفه ذلك.

دعوة للبعد عن المناكفات

وبهذه المناسبة أكد نائب رئيس الجمهورية، الفريق الركن علي محسن صالح، أن ذكرى مقتل “صالح” و”الزوكا”، تمثل فرصة لدعوة الجميع إلى البعد عن المناكفات، وإلى رص الصفوف وتوحيدها خلف القيادة السياسية، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، من أجل استعادة الوطن وتحرير ما تبقى من أراضيه وبمساندة دول التحالف العربي.

وترحّم نائب الرئيس على “صالح والزوكا”، وكل شهداء اليمن، الذين قال إنهم استشهدوا من أجل الجمهورية والدفاع عنها، وكذلك شهداء التحالف الذين قدموا أرواحهم من أجل القضاء على المشروع الإيراني في اليمن.

مناسبة لتوحيد صفّ المؤتمر

من جانبه دعا رئيس الوزراء السابق، أحمد عبيد بن دغر، القيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام، إلى التعجيل بتوحيد صفوف الحزب، مؤكداً أنه وبعد مرور عام على مقتل صالح والزوكا، فأنه ليس من مصلحة المؤتمر أن يبقى الوضع كما هو عليه.

وأضاف في مقال نشره على حسابه بموقع “فيسبوك”، أن صالح كان موحِّدا لمؤتمر الداخل، بينما كان مؤتمر الخارج موحداً تحت قيادة الشرعية.

ولفت إلى أنه في 2 ديسمبر 2017، توحد المؤتمريون وراء الأهداف العظيمة لثورتي سبتمبر وأكتوبر، ونوفمبر ومايو، ووقف الجميع صفا ضد الانقلاب الحوثي، مضيفا: “كانت انتفاضة ديسمبر لحظة تحول وتوحيد في صفوف المؤتمر، لأنها أعادت تقويم المسار وتصحيح التوجه، وكانت الكلفة عالية، لأن حدث الانتفاضة كان كبيراً ومنعطفاً هاماً في مسار الأحداث العاصفة في بلادنا”.

“بن دغر” اعتبر الخلافات والنقاشات بين قيادات الحزب في الداخل والخارج، وأداً لروح انتفاضة ديسمبر في وقت عصيب تُهَدَّد فيه الجمهورية بالسقوط النهائي، ويغدو هدف استعادة الدولة أبعد مما كان عليه يومي الانتفاضة، مشيرا إلى أنه لا يمكن للمؤتمر أن يغدو حزباً فاعلاً في الساحة الوطنية خارج إطار معركة التحرير.

وشدد على ضرورة القيام بخطوة عاجلة لتوحيد الصفوف خلف الشرعية، مؤكدا أنه لا قيمة لحزب خارج إطار الفعل الوطني والسعي نحو الأهداف النبيلة للشعب، كما أنه في الراهن لا معنى للنضال دون هدف استعادة الدولة، داعيا قيادات وقواعد الحزب إلى الانخراط في جبهات النضال.

أبو بكر القربي، الأمين المساعد لحزب المؤتمر، قال إن “مقتل صالح وعارف الزوكا”، لم يكن خسارة للمؤتمر، وإنما للوطن ولقوى الخير والسلام والفكر المستنير. وفي تغريده منفصلة على حسابه بموقع “تويتر”، قال القربي إن الذكرى الأولى لمقتل “صالح”، تشكل فرصة للتذكير بالتسامح، وخطورة الأحقاد السياسية، والنزعة العصرية، ودورها في تدمير الأوطان.

من جانبه اكتفى “سلطان البركاني”، الأمين العام المساعد للمؤتمر، ورئيس كتلته النيابية، بدعوة أنصار وقواعد حزب المؤتمر إلى رفع صور “صالح” على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي المقابل غابت قيادات أخرى كانت على ارتباط وثيق بالرئيس السابق “علي عبدالله صالح”، ولم يصدر عنها أي تعليق حتى اللحظة، وهي قيادات أثارت الكثير من اللغط، كونها كانت برفقته في الساعات الأخيرة قبل مقتله، وتحولت سريعا لتصبح إما على الحياد، أو جزء من سلطة الحوثيين، من بينهم القيادي ياسر العواضي.

أقارب “صالح”

مقربون من “صالح”، تفاعلوا مع الذكرى الأولى لمقتله، بإطلاق تصريحات مناوئة للحوثيين، ومذكّرة بخيانة قبائل طوق العاصمة صنعاء.

فهذا نجل شقيق الرئيس السابق، العميد طارق صالح، الذي يقود حاليا ما يعرف بـ”المقاومة الوطنية” في الحديدة، أشار إلى خطورة حركة الحوثي، مشبهاً إياها بـ”الغدة السرطانية”.

وقال في تغريده على حسابه بموقع “تويتر”: “الحوثية غدة سرطانية زُرِعت في الجسد اليمني كما زُرعت إسرائيل في الجسد العربي، وإذا كان الصهاينة يدعون أن لهم “حقا تاريخيا” في فلسطين، فالحوثية تدعي أن لها “حقا إلهيا” في اليمن وغير اليمن”.

من جانبه، قال “توفيق صالح عبدالله صالح”، نجل شقيق صالح الآخر، إنه وفي مثل هذا اليوم (2 ديسمبر) من العام 2017، خانت قبائل طوق صنعاء نفسها، وخانت الشعب والجمهوريه والحريه والديموقراطيه، ورضخت للعبودية والثالوث وخرافة الكهنوت.

ناشطون وأعضاء من حزب المؤتمر، تفاعلوا مع المناسبة بطرق مختلفة، منها نشر صور “صالح” و “الزوكا” في بعض شوارع صنعاء، وكذا في مواقع التواصل الاجتماعي، كما وجدوا في ذلك مناسبة للحديث عن تعرض “صالح” لخيانات من قبل قيادات كبرى “مثل العواضي وحازب”، وكذا من قبل شيوخ القبائل.

موقف حزب الإصلاح

حزب التجمع اليمني للإصلاح دعا في الذكرى الأولى لمقتل “صالح”، إلى التسامح وتجاوز خلافات الماضي، والعمل لاستعادة الجمهورية وبناء اليمن الاتحادي. وقال علي الجرادي رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، إنه “يجب عدم السماح بانقسام الصف الجمهوري مرة أخرى”، مشيرا إلى أن “حفلة الشماتة لا تليق بلحظة التوحد في مواجهة الانقلاب

وقال “الجرادي” في تغريده على حسابه بموقع “تويتر”: “الماضي خلفنا كعبرة للعبور نحو المستقبل، لا أن يتحول لمستنقع يصعب الإفلات منه”، مضيفا: “من يؤمن بالجمهورية والديمقراطية واليمن الاتحادي المتنوع والمواطنة المتساوية هو شقيق النضال”.

تعاطف الخصوم

بعض ممن كانوا على النقيض مع “صالح”، وطالهم الأذى من وراء تحالفه مع الحوثيين، بدوا متعاطفين في الذكرى الأولى لمقتله، فهذا صالح سميع، محافظ المحويت حاليا، ووزير الكهرباء سابقا، ترحّم على “صالح”، مشيرا إلى أن “الحوثي” بإقدامه على قتل الرئيس السابق، قد أكمل حلقة الثأر الوطني من كل أبناء اليمن.
وقال “سميع” في تغريده على حسابه بـ”تويتر”: “أقول للحوثي، لا تفرح وتعتبر فِعْلَتَكَ تأريخية واستثنائية، واعلم أنك أكملت حلقة الثأر الوطني عليك من كل أبنآء اليمن”.

‏بدوره قال الأكاديمي والكاتب رياض الغيلي، إن ديسمبر يجب أن يكون لأعضاء ومنتسبي حزب المؤتمر الشعبي العام، شهر انطلاقة للعزام وتجديد للنضال، وإصرار على التحرير، لا شهر نياحة على الماضي وبكاء على الأطلال.

وأضاف الغيلي في تغريده على حسابه بموقع “تويتر”: “‏فمن كان يناضل من أجل صالح فإن صالح قد مات، ومن كان يناضل من أجل الوطن فإن الوطن بانتظاركم أيها الشرفاء”، حسب قوله.

الكاتب والصحفي مصطفى راجح، استطرد في حديثه عن ذكرى مقتل صالح الأولى، مشيراً إلى أن “كل الخيارات أمام صالح كانت قد أصبحت سيئة بعد ثلاث سنوات حرب فقد فيها كل عوامل قوته أمام حليفه في الداخل وأمام خصومه في الضفة الأخرى للحرب”.

وأضاف “راجح” في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع “تويتر”: “أعتقد أن المصير الذي وصل إليه صالح كان أفضل الخيارات السيئة أمامه، لأن البديل كان البقاء لمزيد من الإذلال في صنعاء، إعتقال أو اقامة جبرية مذلة”.

ولفت إلى أن “صالح” اختار نهايته مرتين، الأولى بمضيه في جولة مقامرة أخيرة مع لاعبين من طراز مختلف، السعودية كعدو حربي صريح ، وحليف حربي عقدي يضع عين على العدو المشترك لهما وثلاث عليه، “حتى أنه لم يستطع أن يسترد أنفاسه أو يحصل على وقت مستقطع لترتيب صفوفه”، حسب قوله.

وأشار الصحفي “راجح”، إلى أن “صالح”، كان أمام الهروب بطريقة تشبه هروب “طارق” نجل شقيقه، إلا أن هذا الاحتمال وإن ناسب نجل شقيقه، لم يكن ملائما له، لأنه وصل إلى سن الرابعة والسبعين، وما يعني أيضا نهاية مذلّة.

وأوضح أن “صالح”، بعد أن وجد نفسه مجرّداً من كل عوامل القوة، حول تجميع صفوفه عبر قوة جماهيرية “المؤتمر”، لكن الوقت كان قد فات، ليجد نفسه وقد فرض عليه إيقاع متسارع لم يعد قادرا على مجاراته، ووصل إلى مواجهة لم يكن قادرا خلالها حتى على تأمين نظام اتصال وقناة إعلامية.

ونوّه مصطفى راجح، إلى أن “صالح” كان يحتاج إلى معجزة ليخرج منتصراً، وبالتالي كان لا بد أن يضع رايته ويرحل، كانسحاب دامي ممززوج بانتقام ضمني من جميع من طالب برحيله.

دعوة للتخلص من “ثقافة نظام صالح”

الأكاديمية ألفت الدبعي، دعت في منشور لها إلى التخلص من ثقافة “نظام صالح”، مشيرة إلى أنه من غير العادل أن تكون الكسرة العسكرية للحوثيين، على يد “علي عبدالله صالح”.

وأشارت إلى أنه في مثل هذه الأيام “تخلص الشعب اليمني من شخصية مريضة من الناحية العقلية حكمت الشعب اليمني بجميع أساليب الغدر والخيانة والكذب والتزوير والظلم والبلطجة والقتل “، حسب قولها.

وأوضحت في منشور على حسابها بموقع “فيسبوك”، إلى أن “صالح” شخصية تستحق أن أتي اليوم الذي تدرس فيه العوامل الموضوعية التي ساهمت في تشكيل شخصية رئيس دولة مثله، مشيرة إلى أن ثقافة حكمه ما تزال مؤثرة حتى الآن.

وأضافت “الدبعي”: “نحن بحاجة إلى سنوات حتى يتخلص جميع الثوار والمقاومين من هذه الثقافة التي ما زالت تحكم كثير من تصرفاتهم وتمثل عائق كبير أمام تقدمهم بإتجاه بناء اليمن الجديد”.

تفاخر حوثي

الحوثيون بدورهم وجدوا في هذه الذكرى فرصة، للتفاخر بوأد مثل ذلك التمرد الذي دعا له “صالح” في غضون أيام، معتبرين ذلك دليل على قوة “الجماعة” وحكمة حزب المؤتمر.

وقال محمد البخيتي، عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثيين، إنه لم يحصل في التاريخ أن تجاوز بلد أحداث فتنة شاملة خلال أيام إلا في اليمن، مشيرا إلى دهشة “الصحفيين الأجانب”، الذين كانوا على تواصل بقيادات جماعة الحوثي، أثناء وبعد أحداث ديسمبر 2014، معتبرا ذلك دليلا على أن اليمن ليس بحاجة للخارج ولا إلى التدخل الخارجي.

كما أشار البخيتي في منشور على حسابه بموقع “فيسبوك”، إلى حالة الخضوع التي أظهرها قيادات المؤتمر بعد إخماد ثورة “صالح”، داعيا إلى الاستفادة من تجربة الجماعة في إحلال ما أسماه بـ”السلام” في مناطق سيطرتهم، بعد أحداث ديسمبر 2017.

وأضاف محمد البخيتي: “إننا نشعر بالفخر لأننا تمكنا من تجاوز الفتنة في زمن قياسي وطوينا صفحة الماضي المليئة بالحروب والفتن وفتحنا صفحة جديدة من أجل مستقبل اليمن ومستقبل أجيالنا”.

المصدر المصدر اونلاين

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق