تحليل.. رسائل حاكم دبي تكشف الفجوة بين النظام والإماراتيين

4 سبتمبر 2019
تحليل.. رسائل حاكم دبي تكشف الفجوة بين النظام والإماراتيين

شكلت رسائل نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي محمد بن راشد الأخيرة تزامنا مع بدء “الموسم الجديد” فضح للفجوة القائمة بين النظام والإماراتيين.

إذ ركزت الرسائل على الجوانب الإدارية وعلاقة السلطة بالمجتمع وتحدياته وعلاقة الدولة بالمجتمعات والدول الأخرى. وبين السطور يظهر تحدثه بأكثر مما تفصح عنه الرسائل.

من ذلك حديثه أن دور الوزراء والقادة في السلطة: مكانهم الميدان، نريد أن نراهم هناك بين الطلاب والمعلمين، أو في السوق بين التجار والمستثمرين، وبين المزارعين.

يفضح ذلك خلل متزايد في النظام الإماراتي بحيث تكتفي الوزارات والهيئات والمسؤولين في إقامة المنتديات والفعاليات والمحاضرات و”التنظير” عن أزمات المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وإدارياً، فيما يتم تجاهل المهام الرئيسية المتمثلة في خدمة المواطنين الإماراتيين والمقيمين، بل واعتبار المهمة الرئيسية مهمة “ثانوية” يمكنها سقوطها أو القيام بالروتين اليومي.

هذا الخلل ليس إدارياً فقط، بل إن ذلك -وفق ما تعنيه الرسائل بأن يكون المسؤولين وسط الشعب وفئاته- أن الفجوة بين القادة والمسؤولين وشعب الإمارات تتوسع، وابتعاد المسؤولين عن معالجة “مشكلات” الشعب علاوة على القضاء على رؤى وطموحات المجتمع.

في رسالته الخامسة، يشير بن راشد إلى معضلة كبيرة ورئيسية متعلقة بعدم الاستجابة لشكاوى وطلبات المواطنين عبر برامج البث المباشر ووسائل التواصل الاجتماعي ويقول: كررنا عشرات المرات للجميع أن الهدف من وجود الحكومة هو خدمة الناس.. وللأسف تكثر طلبات الناس على برامج البث المباشر ووسائل التواصل.. ولا يجد بعض المسؤولين الشجاعة للتعامل مع مطالبهم أو حتى الرد على تساؤلاتهم. المؤسسة التي تخاف مواجهة الناس هي مؤسسة فقدت الثقة بنفسها.

وفي الحالة الإماراتية حيث خلل التركيبة السكانية يمثل مشكلة حقيقية للسلطة والمتجمع، فإن تعزيز التواصل المباشر بين القيادة والمواطنين ضرورة كبيرة لِفهم احتياجاتهم ومشاكلهم. وأبرز تلك المشكلات تتمثل في السجل السيء لحقوق الإنسان في البلاد.

وأشار بن راشد في رسائله إلى موضوع كبير شديد الحساسية للمواطنين، متعلق بالوظائف. وقال: “انخفضت نسبة رضا الناس عن تعامل المسؤولين مع هذه الظاهرة، ونحن نرصدها.. توفير الوظائف للمواطنين كان وسيبقى أولوية”. ووعّد بـ”وقفة جادة في هذا الموسم مع هذا الملف ومحاسبة ومتابعة.. وقرارات جديدة بإذن الله”.

وهذه المشكلة التي تصاعدت الشكاوى بشأنها في الإمارات معضلة كبيرة وسيئة للغاية ومرتبطة ارتباط كُلي بتجاهل السلطات للمطالبات المتكررة بإيجاد حلول.

وتُظهر الأرقام البطالة بشكلٍ فجّ بحيث تصل إلى 24% معظمهم من الشباب. ورغم تزيد هذه المشكلة إلا أن الحلول التي يطرحها المسؤولون عقيمة.

إلى ذلك تناولت رسائل بن راشد “شبكات التواصل الاجتماعي” لكنها في نفس الوقت تُلّمح إلى خروج السياسية الخارجية للدولة عن “إرث الشيخ زايد”.

حيث يقول “سمعة دولة الإمارات ليست مشاعاً لكل من يريد زيادة عدد المتابعين”. مضيفاً: إحدى مهامها (وزارة الخارجية) الأساسية الحفاظ على 48 عاماً من رصيد المصداقية والسمعة الطيبة، الذي بنته الإمارات مع دول وشعوب العالم.

يفضح ذلك حدة اعتماد النظام الإماراتي على الذباب الالكتروني بالتشويه وبث الفتن والشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وخلال السنوات الماضية يُدير جهاز الأمن شبكة مما أصبح يطلق عليه “الذباب الالكتروني” إلى جانب قادة في جهاز أمن الدولة (المخابرات) والأمن لمهاجمة الشعوب وحكامها، تزايد مؤخراً مع الأزمة اليمنية؛ ومن خلال متابعة دقيقة فإن مواقف هذه الجهات تُعبر لاحقاً عن سياسة وزارة الخارجية، وكأن “جهاز أمن الدولة” سلطة أعلى فوق الوزارة.

وفي الحقيقة فإن السياسة الخارجية الإماراتية في المنطقة خلال السنوات الماضية تقوم على مرتكزين الأول: صناعة الخصوم، والثاني: القوة الخشنة. وهذان المرتكزان خارج “إرث الشيخ زايد” بل ويتصادمان معها.

وسياسة مؤسسو الإمارات اعتمدت على مبادئ متعلقة بحفظ الجوار والعلاقات مع الدول و”إصلاح ذات البين”، لكنها اليوم عكس ذلك حيث توصف الدولة بكونها “إسبرطة صغيرة” أي دولة “مُحارِبة” تقاتل في بلدان أخرى وتقدم نفسها كشرطي في المنطقة.

في هذه الأثناء لم يتطرق الشيخ محمد بن راشد إلى ملف حقوق الإنسان في الدولة -المُظلم-، وحالة القمع المتفشي الذيّ أهلك سمعة الدولة داخلياً وخارجياً، وأجبر المواطنين الإماراتيين على الصمت مع مراقبة صارمة وفتاكة للمواطنين وتعبيرهم عن الرأي. حيث تعتقل السلطات الأمنية عشرات المواطنين من الخبراء والمثقفين والمحامين والمدونين والصحافيين والناشطين الحقوقيين.

 

 

*الامارات ليكس

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق