ملوثات الهواء المميت في مدننا.. قاتل خفي!

18 مارس 2019
ملوثات الهواء المميت في مدننا.. قاتل خفي!

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن التأثير القاتل للتلوث المروري على صحة الأطفال، حيث وضّحت إحدى الدراسات أن مشكلة مرض الرئة لدى الأطفال منتشرة، خاصة لدى أولئك الذين يعيشون في المدن الأكثر تلوثا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن ثاني أوكسيد الكربون والجزيئات الصغيرة العالقة في الهواء، يمكن أن تدخل مجرى الدم وتساهم في تدمير الرئة. وفي الواقع، يفوق عدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء في العالم عدد الوفيات التي يتسبب بها التدخين بأضعاف.

وذكرت الصحيفة أنه في إطار دراسة “إكزايل”، تم فحص سعة الرئة لدى أطفال تتراوح أعمارهم بين ثماني سنوات وتسع سنوات في أكثر من 25 مدرسة في شرق لندن، وكانت النتائج مروعة. وأشار الدكتور إيان مودواي، عالم سموم الجهاز التنفسي في جامعة كينجز كوليدج في لندن، إلى أن “البيانات تكشف أن التلوث المروري يمنع رئة الأطفال من النمو على النحو الصحيح … كما أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق الأكثر تلوثا تقلّ سعة رئتهم بنسبة 10 بالمئة”.

وخلال الأسبوع الماضي، كشف العلماء أن عدد الوفيات المبكرة الناجمة عن تلوث الهواء بلغت ضعف التقديرات السابقة، حيث سجّلت 8.8 مليون حالة في السنة، وفق البحث المنشور في مجلة “ذي يوريبيين هارت جورنال”، مما يعني أن الهواء السام يقتل أشخاصا أكثر من التدخين.

ونوهت الصحيفة بأن الناس القاطنين بالمدن غافلون عن الأزمة الصحية المحيطة بهم، ليس فقط في المملكة المتحدة، ولكن في جميع أنحاء العالم. فخلال سنة 2015، كان الضباب الدخاني في بكين سيئا جدا، لدرجة أنهم أطلقوا عليه اسم “آربوكاليبس”. وبات الضباب الدخاني السام الذي كان يغطي دلهي كل عيد ديوالي، يستمر الآن لعدة أشهر متتالية.

وأوردت الصحيفة أن بعض الأمهات حاولن المحاربة من أجل توفير هواء نظيف لأطفالهن، على غرار جيميما هارتشورن، التي أسست في نيسان/ أبريل 2017 مجموعة “مامز فور لانغز”، بينما كانت تقضي إجازة أمومة، حيث شَكّلت مجموعة رئيسية تتكوّن من 10 متطوعين. ونظّمت هذه المجموعة عدّة حملات من أجل استبدال حافلات الديزل بالحافلات الهجينة، وتحسين البنية التحتية للمشي وركوب الدراجات، ونشر الوعي، ليس فقط حول حركة المرور، وإنما أيضا حول خطورة موقد الحطب المنزلي.

وأفادت الصحيفة بأن أب غارث، وهي إحدى الأمهات، تقوم بتنظيم حملات لجعل الشوارع أكثر أمانا حول المدارس في منطقتها. وفي الصيف الماضي، ونتيجة لعملها الدؤوب، أصبحت مدرسة ابنها الابتدائية واحدة من بين خمس مدارس تجريبية في مشروع “مناطق الشوارع المدرسية”، حيث تتمثل فكرة المشروع في تحويل الطرق المحيطة بالمدرسة إلى مناطق خاصة بالحافلات والدراجات، فقط في أثناء أوقات التوصيل والعودة.

وأوضحت الصحيفة أن الفرق الذي سيحدثه هذا التغيير في مستويات التلوث وصحة رئتي الأطفال سيكون هائلا. ويعلم العلماء الآن أن التلوث يتعلق بمدى تعرضنا وقربنا من مناطق حركة المرور أو مصادر الدخان، كما أن الأطفال الصغار والرضع الذين يجلسون في العربات، هم أقرب الأشخاص إلى أنابيب العادم؛ وبما أن رئتيهم هي الأصغر حجما، فهذا يجعلهم يتنفسون هذا الهواء الملوّث بسرعة أكبر.

وبينت الصحيفة أن الابتعاد لبضعة أمتار عن مصدر التلوث من شأنه أن يحدث فرقا كبيرا، فقد تسبب أصغر جزيئات التلوث، المعروفة باسم الجسيمات النانوية، أسوأ الآثار الصحية؛ وكلما تنفسناها، زاد الخطر على صحتنا. ومن الممكن تحقيق التغيير إذا ما اتحد الناس معا، فتلوث الهواء ليس مشكلة لندن فقط أو أي مدينة أخرى، بل مشكلة توجد “في أي مكان فيه السيارات والدخان”. وفي هذه الحالة، يكمن الجواب في محاولة الحدّ من التعرض لهذا التلوث وحماية الفئات الأكثر ضعفا.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المدن الأخرى حول العالم تحاول أيضا القتال من أجل التخلص من تلوث الهواء؛ فعلى سبيل المثال، تخطط مدريد للحد من تلوث الهواء بنسبة 40 بالمئة من خلال مضاعفة المساحة الإجمالية للأرصفة، مما سيسمح فقط للسكان المحليين أو الأشخاص المترجلين أو المركبات التي لا تصدر أي غازات سامة بالعبور وسط المدينة.

وذكرت الصحيفة أن الصين تعمل على استبدال جميع سيارات الأجرة في المدينة، التي يبلغ عددها 22 ألف سيارة، بالسيارات الكهربائية التي لا تحتاج إلا للشحن مرة واحدة كل ليلة. وفي جميع أنحاء الصين، تظهر 9500 حافلة كهربائية جديدة كل خمسة أسابيع.

وأكدت الصحيفة أنه بات يتوجب على جميع السيارات والدراجات النارية والشاحنات في العاصمة الفرنسية الآن، أن تحمل قرصا ملونا مُرقّما يحدد كمية الهواء الملوث الذي تصدره كل سيارة. وعلى أساس سنوي، سيتم حظر السيارات ذات الأقراص الأقدم من دخول باريس في نهاية الأسبوع من الساعة الثامنة صباحا إلى الثامنة مساء.

أما بالنسبة لسنغافورة، فهي تحاول معالجة تلوث الهواء عن طريق زيادة المساحات الخضراء في الجزيرة، حيث كانت هذه المساحات تبلغ حوالي 36 بالمئة سنة 1980، وبحلول سنة 2016 وصلت إلى 47 بالمئة. ويجب على جميع الهياكل الجديدة في “غاردن سيتي” أن تشمل الأسطح الخضراء أو الجدران الخضراء، وأن توفر بستانا من “الأشجار فارعة الطول”.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق