“جمعة الكرامة”.. حينما تهاوت أركان النظام

18 مارس 2019
“جمعة الكرامة”.. حينما تهاوت أركان النظام
كتب/ المحرر السياسي
كتب/ المحرر السياسي

بقلم - كتب/ المحرر السياسي

بعد ظهر يوم الثامن عشر من مارس 2011م.. أخذ قرص الشمس بالانحدار نحو الغروب واكمل الثوار اداء صلاة الجمعة، صدحت حناجر الثوار بصيحاتهم المعتادة بعد هتفوا للوطن فداء بالروح والدم، وزمجرت الحناجر واهتزت الارض وكأنها تحذرهم من عدو يتبرص بهم وشر محدق يحيط بساحتهم،.. ارتفعت الاصوات ونهض الجميع بصوت واحد : “الشعب يريد اسقاط النظام” ، وسرعان ما تحولت انظارهم باتجاه حائط الموت الذي اقامته مليشيا الحاكم المتجبر حينها ليمنع تمدد جذور ثورتهم خارج الساحة، فتغيرت صيحاتهم الى “الشعب يريد اسقاط الجدار”،.. وهنا اندفع الطوفان الثوري باتجاه جدار الموت.

أخذ الابطال يدكون الجدار الاسمنتي بما توافرت لديهم من ادوات بسيطة، فيما عصابات الموت أخذت في التمترس وتصويب فوهات بنادقها باتجاه رؤوس الثوار، وماهي إلا لحظات حتى بدأت عاصفة من الرصاص الحي تنهال على  رؤوس الثوار ونحورهم وصدورهم من قناصين على أسطح منازل مشرفة على الساحة، ومن خلف الجدار، ومن سطح منزل يتبع قيادياً في حزب المخلوع صالح،.. والمذهل في الأمر أن الابطال لم يفروا من رصاصات الموت التي كانت تنهال عليهم كزخات المطر، بل اتجهوا نحوا مطلقيها بشجاعة نادرة للقبض عليهم وهو ما تم بالفعل، لينتهي ذلك المشهد بعشرات الشهداء الذين ارتقوا وهم يهتفون للوطن والحرية والكرامة.

ان الحديث عن هذا اليوم “الاسود” لا يمكن اختزاله في مقالة أو منشور، لأنه اليوم الذي لن ينساه اليمنيون، ذلك اليوم المشهود، الذي مثل يومًا مفصليًا في مسار الثورة الشبابية الشعبية السلمية، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بنظام المخلوع على عبد الله صالح بعد 33 عامًا قضاها في السلطة عاث خلالها فسادًا وطغياناً.

واليوم تمر الذكرى الثامنة لمجزرة “جمعة الكرامة”، التي كانت سبباً في تهاوى أركان نظام صالح، وما زال الوطن يعيش مجازر يومية ضد الأبرياء ترتكبها مليشيات الحوثي المسنودة من النظام الايراني، في حرب عبثية اهلكت الحرث والنسل، ومع ما ترتكبه المليشيا في حق الوطن إلا إن ذكرى جمعة الكرامة تظل لها مميزاتها ومعانيها الخاصة في نفوس اليمنيين، وهم رغم المآسي ما زالوا يحرصون على استذكار تلك المجزرة بكل تفاصيلها.

هذه الجمعة المشهودة كشفت قبح وجه النظام حينها وعرت زبانيته وأظهرت مدى السوء والعهر الذي كان يمارسه هذا النظام وازلامه، فلم يكتفوا بقتل الشباب العزل في ساحة التغيير في يوم فضيل مبارك هو يوم الجمعة، بل خرج كبيرهم بكل سفاهة يلقي بالتهم جزافا على سكان الاحياء المجاورة لساحة الاعتصام  بارتكاب المجزرة، وهي تهمة نفاها السكان تمامًا جملة وتفصيلًا، لتكشف خيوط الجريمة، لاحقا، أن أثرها ينتهي بالدائرة المقربة من المخلوع صالح وكان هذا التبرير عذراً أقبح من ذنب.

ومنذ أن اطلق الشعب اليمني شرارة ثورته الثانية قبل ثماني سنوات، وجرحه الغائر ينزف، ودائرة النزيف تتسع يوما بعد يوم عقب انقلاب مليشيا الحوثي الارهابية على الجمهورية واستيلائها على الدولة واغتصابها السلطة بقوة السلاح وبمساعدة ودعم من نظام صالح الذي كان اول ضحاياها بعد ان تمكنت من احكام سيطرتها على العاصمة ونهبت السلاح الذي كدسه المخلوع صالح في مخازنه وقتل به شباب ثورة 11 فبراير قبل أن تنهبه مليشيات الحوثي وتسلطه سيفاً على رقبة صالح ومن بعده الشعب اليمني.

اليوم الــ18 من مارس نتذكره جميعاً بكل تفاصيله الدقيقة ولحظاته المؤلمة، نتذكر فيه اؤلائك الابطال الشهداء الذين قدموا أنفسهم فداء لشعبهم ووطنهم بحثًا عن الدولة التي تحقق العدالة والمساواة، كما أنه يوماً سيخلده التاريخ حينما انطلق فيه اليمنيون الى طاولة الحوار واعلنوا فيه انطلاق مؤتمر “الحوار الوطني”  عام 2013م الذي خرج منه الجميع بوثيقة تفصيلية لكل معاني الدولة اليمنية الحديثة بأقاليمها الستة تحت اسم “وثيقة الحوار الوطني” الذي كان من المنتظر ان ترسي هذه الوثيقة مبادئ اليمن الاتحادي قبل أن تنقلب جماعة الحوثي على مخرجات المؤتمر وتجتاح صنعاء بقوة السلاح وتفرض سلطتها الكهنوتية الإمامية البغيضة في 21 سبتمبر 2014 ويفقد بذلك ملايين اليمنيين حلمهم بوطن آمن مستقر ودولة مدنية حديثة.

الرحمة على شهداء الكرامة وشهداء الوطن في كل جبهات الشرف والبطولة..

الخزي والعار القتلة والمجرمين والعملاء والخونة وانصاف الرجال..

عاش الوطن حراً كريماً..

تحيا الجمهورية اليمنية..

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق