الإمارات تهدد بشكل “مبطن” السعودية والكويت

13 مارس 2019
الإمارات تهدد بشكل “مبطن” السعودية والكويت

“توتر وتهوّر، وعدم ضبط للتصريحات”، هذه هي الحالة التي أصابت الدبلوماسية الإماراتية بعد نشر وكالة “تسنيم” الإيرانية خبراً غير مؤكد أو موثق؛ يدّعي أن قطر أرسلت رسالة إلى السعودية عبر الوسيط الكويتي تطلب فيها تسوية الخلاف معها بعيداً عن الإمارات.

ومع الدقائق الأولى لنشر الخبر عبر الوكالة الإيرانية، بدت الإمارات مرتبكة من أعلى رأسها الدبلوماسي؛ المتمثل في موقف وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الذي نشر -بشكل غريب وغير معهود له- رابط مقال لحبيب الصايغ من صحيفة “الخليج” الإماراتية، حول الموضوع.

وحمل مقال الصايغ الذي تبناه قرقاش، ونُشر بصحيفة محسوبة على السلطات في أبوظبي، تهديداً مبطناً لدولة الكويت، مع تحذير صريح لها من ضرورة عدم التوسط في أي حل للأزمة الخليجية يستبعد الإمارات، أو لا تكون هي على رأسه.

وشن كاتب المقال هجوماً غير مباشر على الكويت؛ في حال رعت اتفاق مصالحة بين قطر والسعودية دون الإمارات، مع تلميحه إلى مهمة الوسيط في إنهاء الأزمة الخليجية، بمعنى إرشاد الكويت لما يجب عليها أن تفعله.

وقال الكاتب الإماراتي: “ولو أن هذه الواقعة التي نتمنى عدم وقوعها قد وقعت، فإن هناك شكاً كبيراً في أن دولة الكويت الشقيقة تحمل رسالة من نظام حمد بن خليفة إلى خادم الحرمين الشريفين، مؤداها طلب تسوية الخلاف مع السعودية دون الإمارات، والشك أكبر في أن الكويت، وهي التي قامت مشكورة كوسيط كريم منذ تفجّر أزمة قطر، تقبل -في الأصل- تلك الرسالة القطرية الملغومة، فليست هذه أخلاق الكويت”، حسب قوله.

اللافت للنظر أن التعامل الإماراتي مع الخبر الإيراني وكأنه واقع مسلّم به، رغم تشكيكهم الدائم بالمصادر الإعلامية الإيرانية، فُهم من قبل بعض المراقبين على أنه يحمل رسائل استباقية لإمكانية حصول هذ الأمر، أو أن هناك شيئاً يدور في الخفاء ووصل إلى مسامع أبوظبي بشأن إنهاء الأزمة بين الرياض والدوحة.

كما أن الغريب في الأمر، كما يقولون، أن يحمل المقال المنشور في صحيفة تمثل رأي الدولة الإماراتية رسائلَ تهديد تصل إلى حدّ التخوين لكل من الرياض والكويت، بقالب تأكيد مواقف الدولتين السابقة من الأزمة مع قطر، خصوصاً تبنّي وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية لما جاء في هذا المقال حرفياً.

مقال الصايغ وإعادة نشره من قبل قرقاش لم يكن الوحيد المتداول في الإمارات، إذ نشر عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبوظبي، عبر حسابه في موقع “تويتر” حول الخبر المنشور عبر الوكالة الإيرانية، معبّراً عن خشيته من حل الأزمة الخليجية بطريقة منفردة.

صحيفة الشرق القطرية اعتبرت، في تقرير لها عبر موقعها الإلكتروني، أن إعادة قرقاش نشر مقال الصايغ تعبّر عن مدى الرعب الإماراتي من حل الأزمة الخليجية دونها.

ورأت الصحيفة في المقال تعبيراً عن “الفزع الواضح من أن تعود الرياض إلى مكانتها خليجياً وتزيل آثار الأزمة التي ثبت للعالم كله أنها مفتعلة، وتقف أبوظبي وراءها بوضوح؛ من خلال قرصنة وكالة الأنباء القطرية، وحتى طلبها بشكل واضح مقاسمة قطر استضافة كأس العالم 2022، الأمر الذي كشف عن نواياها الحقيقية.

ومع تداول الخبر المسرّب دون مصادر رسمية قطرية، يؤكد الكاتب السعودي أحمد الفراج، في حديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية، السبت الماضي، أن التقارير الخاصة برغبة قطر بتسوية الأزمة مع السعودية بشكل أحادي تتردّد بين الحين والآخر، لكنها على لسان مصادر غير رسمية.

من جانبه يؤكد علي الهيل، أستاذ العلوم السياسية القطري، لنفس الوكالة، أن “القطريين يرون مشكلاتهم مع السعودية أقل بكثير من الخلافات مع إمارة أبوظبي بالتحديد، وليس بالضرورة الإمارات الأخرى”.

وأرجع الهيل رغبة قطر المحتملة في تسوية الأزمة مع السعودية بشكل أحادي إلى أسباب عدة؛ تتعلّق بطبيعة العلاقات التاريخية، والجغرافيا، والمصالح المشتركة.

ويوضح أن السعودية قد تقبل بالأمر، خاصة أنها أرسلت إشارات إيجابية في السابق إلى قطر، إلا أن الأخيرة لم تتعامل معها بالمثل، وأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تحدث عن الاقتصاد القطري للعام 2030 وما بعده، خلال مؤتمر “دافوس الصحراء”.

ويشير إلى أن السعودية قد تقبل الحل مع قطر بسبب الضغوط التي تقوم بها قناة الجزيرة عليها بشأن قضايا عدة؛ على رأسها مقتل جمال خاشقجي، والتي قد تؤدي في أحد سيناريواتها إلى ضرب استراتيجية ولي العهد السعودي في الوصول إلى سدة الحُكم، أو أن يصل إليها بصورة مشوّهة.

ومنذ يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين علاقاتها مع قطر وفرضت حصاراً عليها؛ بدعوى “دعم الإرهاب”، وهو ما تنفيه الأخيرة بشدة.

وخلال الفترة الماضية لم تنجح جهود كويتية رعتها واشنطن في رأب الصدع الخليجي؛ بسبب تعنّت دول الحصار، في حين أكدت قطر أنها مستعدة للحل دون المساس بسيادتها.

*الخليج اونلاين

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق