كيف يخترق الحوثيون القبائل اليمنية ويسيطرون على مشايخها ويجندون أفرادها؟ وما هي الصفقات القذرة التي تُعقد بين الحوثيين وبعض المشايخ والنافذين؟

16 أغسطس 2017
كيف يخترق الحوثيون القبائل اليمنية ويسيطرون على مشايخها ويجندون أفرادها؟ وما هي الصفقات القذرة التي تُعقد بين الحوثيين وبعض المشايخ والنافذين؟

ما يميز جماعة الحوثي هو التنظيم، والعمل الدؤوب والمنهجي، والهدف الواضح، المتمثل في السيطرة على المجتمع اليمني بكافة مكوناته. وللأسف فإن الكثير يلتحق بالحركة من باب المصلحة السياسية معتقداً أنه يستثمر وجودها وقوتها فيما الحقيقة أنه هو موضوع الاستثمار، وأنه من يتم استغلاله من قبلها، فالجماعة أقدر على استغلال الأفراد، بحكم أن لديها مشروع وقيادة وخطة عمل واستراتيجية طويلة المدى، فيما خطط الأفراد تكتيكية، وبعد أن تستوفي الجماعة غرضها من الفرد، وتنتهي الحاجة اليه؛ تستعيد الجماعة ما منحته من امتيازات مادية ومعنوية وبشتى الطرق، ومنها إغراقه في المشاكل، وصولاً الى التخلص منه واحراق صورته داخل مجتمعه عبر تلفيق الكثير من التهم له.
سنتحدث هنا عن خطوات الحوثيين للاستيلاء على وعي القبيلة اليمنية والسيطرة على قرارها وتجنيد أفرادها في القتال من أجل مشروع الإمامة وولاية (العَلم) أو القائد، والمتمثل عندها في عبدالملك الحوثي، وسنقسم تلك الخطوات الى مرحليتين:

المرحلة الأولى:
ما قبل استيلاء الحوثيين على السلطة:
– الدخول الى مجتمع القبيلة المُصغر (القرية) كأفراد (دُعاة) يحملون أفكار جديدة تسمى (المسيرة القرآنية)، شارحين نضالات الحركة وقائدها باعتبارها حركة ضد ظلم السلطة والوصاية الأجنبية على اليمن، ويقدمون أنفسهم كمظلومين وباعتبارهم يدافعون عن حقوق الشعب ولذلك تقمعهم السلطة وتزج بهم في السجون وتشن عليهم الحرب تلو الأخرى.
– يستغلون عادات وتقاليد القبائل في شمال الشمال (في المناطق الجبلية) المناصرة للمظلوم والإرث المذهبي (الزيدي) المختلف مع بقية المجموعات الدينية، ويلعبون على وتر المظلومية داعين القبائل الى حمايتهم وتوفير البيئة المناسبة لهم لدعوتهم بوصفها مقاومة للظلم والوصاية ولمواجهة المجموعات الدينية المنافسة (إخوان وسلفيين).
– يختارون أفضل الدعاة وأكثرهم خلقاً واستقامة وقدرة على كسب ثقة واحترام المجتمع والتغلغل فيه.
– سرعان ما يترك أبناء المشايخ وبقية أفراد القبيلة أبنائهم يلتحقون بحلقات تحفيظ القرآن ودروس ما يسمى بالـ (المسيرة القرآنية)، على أمل أن يتعلم أبنائهم القرآن وأصول الإسلام، دون أن يدركوا أنهم يذهبون بأطفالهم الى التهلكة ومحارق الموت، فتلك الدورات ما هي الا مقدمة فقط لإعداد مقاتل عقائدي من نعومة أظافره.
– كما أن بعض المشايخ وبالأخص منهم المنتمين والمحسوبين على حزب المؤتمر الشعبي العام يسمحون للحوثيين بالانتشار في مناطقهم كنوع من المقاومة للإخوان المسلمين بسبب الصراع بين حزب الإصلاح والمؤتمر، وباعتبار ان الفكر الحوثي الديني هو الأقدر على مواجهة الفكر الإخواني، دون أن يدرك ذلك الشيخ أنه ورط نفسه وقبيلته وأفرادها في فخ يصعب الخروج منه، وأنه وفي المستقبل القريب سيتحول أبناء قبيلته الى قتلى في صفوف مشروع كهنوتي إمامي وأرضها الى مقبرة مفتوحة وبيوتها الى أماكن عزاء وعويل.
– عندما يتمكن الحوثيون في المنطقة يبدؤون في الانتقال من الدورات الدينية الى دورات عسكرية حيث يرسلون مجموعات من أبناء تلك القبيلة الى صعدة للتعلم على السلاح إضافة الى تلقي دورات دينية أعمق، والتي يطلب من الملتحقين بها أداء قسم الولاء لعبدالملك الحوثي بوصفة ولي ألله.
– يعود أبناء القبيلة الى ديارهم من صعدة –بعد أن تم اكرامهم واستضافتهم وشرح بطولات وتاريخ الحركة لهم من مقاتلين قدماء بقصص أشبه بالأفلام الهندية- مُشبعين بتلك الأفكار الكهنوتية حاملين أسلحتهم التي تم صرفها للبعض منهم وهم يشعرون بنشوة وقوة، فالشاب الذي تعود على أن يعامله والداه كطفل أو شاب قاصر الفهم غير قادر على تحمل المسؤولية تعامله الحركة الحوثية باعتباره رجل مكلف، وهنا يجد ذلك الفرد نفسه ويحقق ذاته بعد أن تمنحه الحركة الحوثية سلطة ما ومسمى خاص (أبو فلان) ومسؤولية ما.
– وبقدر توسع وانتشار الحركة داخل القرية أو المنطقة تتمدد سلطتها وصولاً الى نصب نقاط وعمل دوريات تحت ذرائع عدة أهمها (الأمنيات لكم وليست عليكم).
– بعد نصب النقاط وظهور سيطرة الحوثيين بشكل علني يجد مشايخ القبائل وأفرادها أنفسهم رهائن بيد تلك الجماعة، بل ويجدون أن ولاء أبناء القبيلة وحتى أبنائهم انتقل من الولاء لهم الى الولاء للمشرف و “السيد” (عبدالملك الحوثي)، وهنا يدركون الطامة الكبرى التي أوقعوا أنفسهم وقبيلتهم فيها، لكن بعد فوات الأوان، وبعد أن يصبح أبنائهم هم الذين سيتصدون لأي محاولات لمقاومة الوجود الحوثي واستعادة النفوذ.
– المرحلة الأخيرة: يكون أمام مشايخ تلك القبائل ووجهائها خياران لا ثالث لهما، أمام الولاء لـ “السيد” أو سيتم التعامل معهم بوصفهم “منافقين”، وأول من سيتصدى لمواجهتهم هم أبنائهم وأقرب الناس لهم. ولا يبقى الشيخ شيخاً فاعلاً في قبيلته ما لم يكن المشرف و “السيد” راضين عنه، وهنا تحديداً يتجسد نظام الاستعباد، للأفراد، وللمشايخ على السواء، والذي كان سائداً قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، وأنتج مفردات من مثل “السيد” وغير السيد، و “الشريفة” وغير الشريفة، وقسم المجتمع الى طبقات.

المرحلة الثانية: 
ما بعد استيلاء حركة الحوثيين على السلطة:
تغيرت وسائل استقطاب الحوثيين بعد سيطرتهم على السلطة، وتخففت أعبائهم، وقلت الفترة التي يحتاجونها للسيطرة على المناطق القبيلة جغرافياً وعلى مستوى الوعي، ويمكن تلخيص خطواتهم الحالية بالتالي:
– تصعيد أتباعهم في الك المناطق ليكونوا هم أصحاب القرار في المنطقة، وتقريب مشايخ القبائل والنافذين الذين يعلنون الولاء لسلطتهم، ومنحهم امتيازات السلطة (تعيين في وظائف/ منح مالية أو عينية/ صرف أسلحة/ قبول لوساطاتهم وشفاعاتهم/ واغرائهم بأدوار يقومون بها تعود علهم بالفائدة).
– السيطرة وبالقوة على المساجد ودور تحفيظ القرآن ونشر شعاراتهم في كل مكان والاستحواذ على الفضاء السياسي ومنابر الوعي المجتمعي داخل القبيلة في مساعي حثيثة لتغيير الخارطة المذهبية كما أوضحناها في تقرير سابق تم نشره في صفحة اليمن الجمهوري.
– استغلال الحرب لتكميم الأفواه وضرب كل من يتجرأ على نقدهم باعتباره موالياً لخصومهم وعميل وخائن.
– الدفع بأبناء القبائل للجبهات عبر صفقات قذرة مع بعض المشايخ والنافذين فيها، حيث توفر لهم الحركة مزايا في السلطة والتعيينات ومنح ووظائف لأبنائهم واقاربهم وهم يوفرون لهم مقاتلين من قبائلهم تحت مسميات وشعارات وطنية شتى، والحقيقة أنه يزج بهم في معارك وجبهات تدافع بالأساس عن مشروع الحوثيين.

*نقلا عن صفحة اليمن الجمهوري

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق